وزراء متنازعون وقرار مرتهن

بقلم: د. قاسم الهارش- ارشيف الكاتب

في أي حكومة طبيعية حول العالم، يشكل رئيس الوزراء فريقه من وزراء يعملون بتناغم لتحقيق برنامج حكومي موحد يخدم مصلحة الدولة والشعب. إلا أن الواقع اليمني يختلف تماما، حيث تبدو الحكومة وكأنها ساحة صراع بين قوى مختلفة، تتقاسمها السلطة الأمنية والعسكرية والدينية، بينما تتحكم بها كنتونات الأحزاب، وكأنها حصص خاصة لا كيان سياسي موحد.

ما يحدث اليوم لا علاقة له بمفهوم الحكومة الفاعلة، فمعظم الوزراء لا يمثلون الدولة بقدر ما يمثلون الجهات التي رشحتهم لمناصبهم، سواء كانت أحزابا، أو تيارات دينية، أو حتى مصالح تجارية. في ظل هذه التركيبة المختلة، يفقد مجلس الوزراء دوره ككيان موحد، ليصبح مجرد تجمع لسلطات متفرقة، كل منها يعمل وفق أجندته الخاصة.

ليس سرا أن بعض الوزراء يمارسون أدوارا أقرب إلى رجال الدين أو التجار أو الأمنيين، بدلا من كونهم مسؤولين عن وزارات خدمية أو سيادية. فكيف يمكن لحكومة أعضاؤها متنازعو الولاءات أن تتخذ قرارات وطنية حاسمة.

إلى جانب الانقسام الداخلي، تعاني الحكومة من تدخلات خارجية تحد من استقلال قرارها السياسي والإداري. فبين التمويل الذي يفرض توجهات معينة، وبين الحسابات الأمنية والعسكرية، تضيع الأولويات الوطنية لصالح مصالح القوى المتصارعة.

هذا الواقع يجعل أي إصلاح سياسي أو اقتصادي مجرد شعار لا يترجم إلى قرارات فعلية. بل إن التضارب بين الوزراء أنفسهم يعطل أي رؤية واضحة للخروج من الأزمة، حيث يتحول الصراع بين مراكز النفوذ إلى عامل إضافي في إطالة أمد الفوضى.

الحل يبدأ من الاعتراف بأن استمرار هذه التركيبة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفشل. لا يمكن التغلب على الأزمات الاقتصادية والمعيشية للمواطنين في ظل حكومة بلا انسجام، ووزراء بلا ولاء للوطن، وقرارات مرتهنة لاعتبارات خارجية أو حسابات فئوية.

لا بد من إعادة اختيار الوزراء بناء على الكفاءة وليس الولاءات السياسية أو الدينية أو التجارية. كما أن رئيس الوزراء يجب أن يمتلك كامل صلاحياته في تشكيل فريق حكومي متجانس، دون أن يكون مجرد واجهة لقرارات تملى عليه من قوى متنفذة داخلية أو خارجية.

إذا استمر الوضع كما هو، فإن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين إلى تدهور ولن يخرج من أزمته، بل سيتعمق الانقسام، وستظل الحكومة مجرد واجهة فارغة لا تملك قرارها، ولا تستطيع مواجهة التحديات الحقيقية التي تهدد البلاد.

فهل هناك إرادة سياسية حقيقية لإصلاح هذا الوضع؟ أم أن البلد سيبقى أسيرا لحكومة منقسمة، وقرار مرتهن..

الصفحة الرئيسية أراء وأتجاهات وزراء متنازعون وقرار مرتهن

الجنوب ڤويس منبر إعلامي جنوبي حر مستقل ، ينطلق من مدينة عدن يضم فريق التحرير نخبة من الشباب الصحفيين المؤهلين والذي يتمتعون بتجارب مهنية مرموقة في مجال الإعلام الإلكتروني

اخبار متفرقة

اخبار اخرى