في مشهدٍ يجسد قمة العبث السياسي، اجتمع كل من عيدروس الزبيدي وأبو زرعة المحرمي، عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني (نعم، قرأتموها بشكل صحيح!)، في الإمارات العربية المتحدة، لمناشدة… أنفسهم!
الزبيدي، الذي يبدو أنه يعيش في عالم مواز، التقى بالسفير الأمريكي مطالباً بدعم مجلس القيادة الرئاسي (الذي هو عضو فيه) والحكومة لتوفير الخدمات الأساسية وصرف المرتبات. أي أن الزبيدي يناشد الزبيدي نفسه! يُذكر أن الزبيدي هو أيضاً رئيس لجنة الموارد المالية، ما يجعل هذه المناشدة أشبه بمحادثة مع المرآة.
وفي نفس اليوم، وبنفس المكان، ظهر أبو زرعة المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، الذي كان يملك محلاً صغيراً لبيع العسل في مدينة المنصورة، ولكنه اليوم يمتلك شركات وعقارات. السؤال نفسه يُطرح: من أين لك هذا؟ يناشد هو الآخر السفير الأمريكي بحشد الدعم لمجلس القيادة الرئاسي (الذي هو أيضاً عضو فيه) لإنقاذ الاقتصاد المتردي.
اللقطة الأكثر إثارة للضحك، أو بالأحرى، للغضب، هي لقاء كل منهما على حدة مع السفير الأمريكي، في نفس اليوم، في نفس الدولة! كأنّ كل منهما يريد نصيباً من “الكعكة” الدولية، دون أن يزعج الآخر!
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يعاني هذان الرجلان من فقدان ذاكرة مفاجئ؟ أم أن هذه المناشدات ما هي إلا مسرحية هزلية تمثل أمام المجتمع الدولي، بينما يتقاسمان غنائم ثروات الشعب المنهوبة في هدوء خلف الكواليس؟
يبدو أن الزبيدي والمحرمي، اللذين كانا بالأمس القريب لا يملكان شيئاً، أصبحا اليوم من أصحاب الشركات والعقارات داخل اليمن وخارجها. فمن أين لهما هذا؟ الشعب الذي يعيش تحت وطأة انقطاع الكهرباء وغلاء الأسعار وانعدام الرواتب، ينتظر إجابة شافية على هذا السؤال.
عيدروس الزبيدي وأبو زرعة المحرمي، في الإمارات، يتمتعان بثروات الشعب، بينما الشعب يعاني انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار وانعدام الرواتب. ويتستران من خلال فريقيهما الإعلاميين اللذين يلمعان صورتهما، بينما المواطن يناضل من أجل البقاء.
لقد فضح الزبيدي والمحرمي نفسيهما بأنفسهما. “النداءات” من الإمارات ليست إلا “تمثيلية” هزلية مُرّة، تكشف عن فساد ومحسوبية لا مثيل لهما.