تضامن مع المعلم المعتدى عليه: واجب أخلاقي ووطني

بقلم: اللواء الركن سعيد الحريري- ارشيف الكاتب

في مثل هذه اللحظات التي نشهد فيها تصاعدًا في حدة الصراعات على مختلف الأصعدة، تتجلى حقيقةٌ مؤلمة في واقعنا المعاش: الاعتداء على المعلمين، وهم منبر العلم ورمز التوجيه. ما حدث مع المعلم الذي تم الاعتداء عليه من قبل أحد عناصر المجلس الانتقالي ليس حادثًا معزولًا، بل هو انعكاس لحالة من الانفلات الأخلاقي والسياسي الذي بات يطغى على المجتمع.

قال الشاعر العربي: “قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا”. هذه الكلمات الخالدة تجسد قيمة المعلم في المجتمع، وتؤكد على أن المعلم هو حجر الزاوية في بناء الأجيال وتشكيل المستقبل. فعندما يُعتدى على المعلم، فإن هذا الاعتداء لا يمس شخصه فحسب، بل يمس كرامة كل فردٍ يسعى لبناء وطن مستقر ومزدهر. المعلم ليس مجرد فرد يقدم المعلومات، بل هو مرشد وصانع عقول، وأي إساءة أو اعتداء عليه هو إساءة لكل من يؤمن بأهمية التعليم والتطوير.

ما وقع من اعتداء على المعلم في عدن يجب أن يكون جرس إنذار لكل القوى السياسية والمجتمعية. فالاعتداء على المعلم لا يتعلق فقط بالتجاوزات الفردية، بل هو رسالة سلبية تهدم من الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع. هذه الحوادث تقوض من احترام المؤسسات التعليمية وتضعف من قدرتها على أداء رسالتها السامية. يجب على الجميع أن يقفوا ضد هذه التصرفات المرفوضة وأن يتخذوا إجراءات حازمة لمنع تكرارها.

إن موقف المجلس الانتقالي، الذي يتمثل في الاعتداء على المعلم، يثير تساؤلات حول فهم هؤلاء الأشخاص لقيمة العلم والتعليم في بناء الأمة. إذا كان الجميع يقرون أن التعليم هو أساس التنمية والنهضة، فكيف يُقبل الاعتداء على من يحمل هذه الأمانة الكبرى؟ لا يمكن للمجتمع أن ينهض إذا لم يكن هناك احترام للمعلم، الذي يبذل جهده في بناء العقول والمهارات، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بدون بيئة آمنة ومحترمة.

المعركة ضد التخلف والصراعات السياسية يجب أن تمر عبر بوابة التعليم. وعليه، فإن حماية المعلم يجب أن تكون أولوية وطنية. فلا يمكن لأي كيان أو جماعة أن تزعم أنها تدافع عن مصلحة الشعب في حين أنها تسيء إلى أهم ركن من أركان البناء المجتمعي، وهو المعلم.

ومن باب المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، فإن التضامن مع المعلم المعتدى عليه يجب أن يكون بمثابة خطوة نحو إرساء القيم الحقيقية للتعليم. يجب أن نرفع صوتنا ضد مثل هذه الحوادث، وأن نعمل جاهدين من أجل ضمان بيئة تعليمية آمنة لجميع المعلمين والطلاب على حد سواء.

في الختام، يتعين على الجميع الوقوف صفًا واحدًا في وجه هذا النوع من الاعتداءات. إن كانت هناك آمال حقيقية في مستقبل أفضل، فإن تلك الآمال تبدأ من الاحترام الكامل للمعلم وحقوقه. فالمعلم ليس مجرد شخص في الصفوف الدراسية، بل هو الشخص الذي يزرع الأمل ويصنع المستقبل. فلنقف معًا من أجل المعلم، ومن أجل الوطن، ولنقل بصوت عالٍ: “لا للاعتداءات، نعم لحماية المعلم.”

اللواء الركن سعيد الحريري

الصفحة الرئيسية أراء وأتجاهات تضامن مع المعلم المعتدى عليه: واجب أخلاقي ووطني

الجنوب ڤويس منبر إعلامي جنوبي حر مستقل ، ينطلق من مدينة عدن يضم فريق التحرير نخبة من الشباب الصحفيين المؤهلين والذي يتمتعون بتجارب مهنية مرموقة في مجال الإعلام الإلكتروني

اخبار متفرقة

اخبار اخرى